查看原文
其他

الحكم بالمؤبد لكل من يعطس! | أيمن الرويشان

الصين TamamArabic 2021-02-19

خلال السنوات الأخيرة الماضية أمسيت  أميل أكثر  لتعريف الإنسان على أنه " معادلة كيميائية متعددة الإحتمالات الكمية". 


فمن منا لم يجد نفسه مُحاصر يوما ما في  وسط زحام خانق من الخيارات المتعددة التي تختلف نهاياتها إختلافاً جذرياً.


و بينما تستمر جميع العلوم الانسانية منها و التطبيقية في التنافس على مضمار السبق في محاولة فهم طريقة تفكير الانسان و وضع التكهنات المسبقة لتصرفاته العشوائية و محاولة إستيعاب الاسلوب الذي من خلاله يقوم العقل البشري بإتخاذ القرارات المصيرية ، إلا أن جميع تلك العلوم  فشلت في الوصول إلى نتائج منهجية  حيث غلب الطابع البرغماتي و العشوائي على كل تلك القرارات التي اتخذها و ما زال يتخذها الإنسان في تصريف شؤونه الإجتماعية و الشخصية.


و من ذلك المنطلق كان لإيجاد قانون عام يُنظم جميع الأنشطة المجتمعية حسب معايير نسبية متفق عليها بالإجماع من خلال سلطات تشريعية أمر لا يخلو من الأهمية القصوى؛  و حينها فقط ظهر كلا المصطلحين الا و هما الأخلاق و السلوك. 


يخلط العديد من الناس بين السلوك و الأخلاق حيث ان البعض يعطي للأخلاق مكانة أرفع و معنى أسمى من السلوك و لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير.  


في هذا المقال المقتضب دعني أُوضح لك عزيزي القارئ عن أهمية معرفة الفرق بين السلوك و الأخلاق بواسطة أمثلة حية سهلة الإستيعاب.


السلوك هو تفاعل الإنسان مع الوسط المحيط به بما لا يخل بالقوانين العامة و السلطات القضائية في البيئة التي يقيم فيها ذلك الشخص ؛  أما عن الأخلاق فتعني الإلتزام بموروث ثقافي و إجتماعي أو روحاني يحددهم جميعاً العرف المجتمعي و العقيدة الروحانية و ليست بالشرط اللازم أن تكون تحت سلطة قضائية أو قانونية معينة.


تجنباً لمزيداً من الإسهاب سأحاول تأصيل المعنى العام لما سبق من خلال الأمثلة المبسطة.  


فعلى سبيل المثال :

《 في مناطق عديدة من شرق افريقيا و الجنوب الغربي من آسيا في بلدان مثل اثيوبيا و اليمن و الصومال تعتبر نبتة القات و مضغها شئ إعتيادي يمارسه العديد من السكان المحليين وفق طقوس خاصة ، حيث أنه لا يضر مضغ هذه النبته أخلاق و سمعة أبناء البلد في الأوساط المحلية داخل تلك البلدان؛  بينما هذا الامر يختلف اختلافا تاما اذا قمنا بإسقاطه على مناطق أخرى حول العالم مثل الصين و بعض الدول العربية أيضا ، حيث انه يتم في تلك البلدان تجريم مضغ عشبة القات وفق السلطة القضائية و القوانين العامة بإعتبارها من أصناف المخدرات و هنا يتجلى المعنى الحقيقي و الواضح للسلوك الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالقوانين و التشريعات القضائية بعيدا عن عاطفة الاخلاق التي قد تكون جزء من موروث ديني او روحاني 》


مثال آخر : 

 《 رامي و صابر مبتعثين حديثاً الى الصين من إحدى البلدان التي يعتبر مضغ القات فيها اسلوب حياة و لا يعد جريمة يعاقب عليها القانون،  رامي و صابر رمز للمثابرة و الإجتهاد و أيقونة في تحقيق الانجازات لكن بعد قدوم كلا منهما الى الصين قرر رامي فور وصوله الامتناع و الابتعاد عن مضغ القات و لكن على الصعيد الاخر رفض صابر هذا الأمر رغم تحذير رامي المتكرر له من أن مضغ القات يعتبر سلوك يعاقب عليه القانون و لكن صابر مازال يصر بإلحاح على ان هذا شئ قد اعتاد عليه منذ فترات طويلة.

  مرت الأشهر و السنوات و لكن بشكل تراجيدي و مؤسف بدأ رامي بعادة شرب الخمر و الكحوليات و هنا تحولت الكرة الى ملعب صابر الذي ما يزال يمضغ القات بإستمرار ، فلم يتوقف بدوره عن نصح رامي بالإمتثال الى الاخلاق و العرف المحلي في بلدهم و اجتناب شرب الخمر و لكن رامي أصر بدوره بأنه لا يخالف اي قانون او لائحة تنظيمية حيث ان استهلاك الخمر في هذا البلد الجديد لا يعد جريمة أو سلوك خاطئ بل و جدد تحذيره لصابر بالابتعاد عن تناول العشبة الخضراء المخدرة _  


*ملاحظة :قبل تخرج صابر بأشهر معدودة تم القبض عليه بسبب حيازته للممنوعات و تم ترحيله الى بلده مع رسالة سوء سيرة و سلوك تم إصدارها لغرض منعه من القدوم مجددا الى هذا البلد لانه بالرغم من اخلاقه العاليه الا ان سلوكه لم يكن لائقا بالمجتمع الجديد الذي انتقل اليه مؤخراً و لم يحترم قوانينه ؛ على الجانب الاخر تخرج رامي و نال شهادة حسن السيرة و السلوك من جامعته ليكون بذلك المستقبل واعدا بالنسبه له. 》.


الاخلاق ما هي الا قناعات شخصية تحددها العادات و التقاليد و الاعراف الدينية ، بينما السلوك هو الانضباط باللوائح القانونية و الانظمة العامة للمجتمع أين كان. 


فالعالم لا يأبه لاخلاقك و ما تعتقد بأنه جيد أو سيئ، حلال أم حرام و لكن كل ما يثير إهتمامه هو سلوكك و انضباطك الذي يُعبر عن مدى إمتزاجك بالمجتمع الحديث المتحضر.

عنوان المقال من وحي خيال الكاتب و لا يمت للواقع بصلة فقط لإيضاح مدى قوة و سلطة نفوذ (السلوك) أمام (الأخلاق) التي تترعرع بها التحيزات الإدراكية و العديد من النفاق و المغالطات المجتمعية. 


د.  ايمن الرويشان 

(ماجستير جراحة عامة)


مشاركات لكتاب تمام

من لم تخيفه ظلمة الليل فلن يخيفه نهاره | جمال الأصبحي

نصائح هامة للمسافرين | أيمن الرويشان

مصائب قوم عند قوم فوائد | فارس المؤيد

لن أغادر الصين ولست أغلى من أهلها | عامر محمد الضبياني

أحلام وردية | أشرف حيدرة

العَزْلُ الصِحّي بفهمومٍ آخر | عمّار عبّاس

حظر صحي سعيد! | أحمد الكحلاني

جروب الصمت | عصام الكباري

أنت : مفتاح للخير او مفتاح للشر ؟ | م حمزة المداني

مقابلة خاصة مع المخرج السينمائي الواعد | علاء الشميري

القوالب لا تنتج إلا أشكال مشابهة لها | صلاح النهام

علي السماوي | المنح الصينية بالتفصيل المبسط

كيفية التحضير للآيليتس | أحمد الكحلاني

كل ما يجب معرفته عن المنح الصينية | الجوعري

كي نستمر | طارق المحجري

بين الظهور و الاختفاء | د.حسن المنصوب

بضاعة مجانية | زيد يمني

التبرعات , طريقهم للجنة وطريقنا للنار | عصام الكباري

فوبيا الأطباء و المستشفيات | د. بسمة الحارث

الإطار المرجعي | أيمن الرويشان

كن أنت | صلاح النهام

حدود الفكرة أو المفهوم | محمد الصافي

عندما يسلب الخير منا | عصام الكباري

التطور الحكاية | محمد الصافي

العيد بعيون صينية | محمد بن دحمان

كما أنت | طارق المحجري

اليمني والعاطفة | سميح مدار

منشورات شائعة  قد تقودك الى غير الطريق


مواضيع مهمة

كم مرة في حياتك كنت مرآة للإسلام؟ وبكم بعت دينك؟

تطبيقات مميزة لتعلم اللغة الصينية عبر هاتفك

مواضيع يجب تجنبها عبر تطبيق الويتشات

دليل تقديم على فيزة عمل للخريجين الجدد

قوانين جديدة لشراء عقار بدون إقامة

أرقام مهمة في الصين يجب أن تعرفها

عناوين المستشفيات التي تتعامل باللغة الإنجليزية في الصين

عناوين وأرقام التواصل بالسفارات الأجنبية في الصين | القائمة 1

عناوين وأرقام التواصل بالسفارات الأجنبية في الصين | القائمة 2



    您可能也对以下帖子感兴趣

    文章有问题?点此查看未经处理的缓存